[align=center]الموهــوبون.. هـل يفلـح المعلمون في اكتشافهم؟! [/align]

[align=justify]
اكتشاف الموهوبين تتم عبر العديد من الطرائق التي من بينها استخدام اختبارات الذكاء والإبداع والقدرات. وقد أشار بعض العلماء والباحثين إلى ما لهذه الطرائق من عيوب ومميزات. فمن بين عيوبها أن استخدامها وحدها لا يمكن المسؤولين من التعرف على عدد كبير من التلاميــذ الموهوبـين، ومن هنـا فقـد توجـه اهتمامهـم إلى البحث عن طرائق عمليــة في الكشف عــن الموهـوبيـن، بحيث تكـون مستمدة مـن أحكـام أفراد آخرين أكثر معايشة لهم ومعرفـة بهـم كالمدرسين مثـــلاً.
وقد استخدمت تقديرات المدرسين كمنبئ مشير إلى موهبة التلاميذ. وعلى الرغم مما واجهته تلك التقديرات من انتقادات فيما يتعلق بكفاءتها وفاعليتها في الكشف عن التلاميذ الموهوبين، إلا أنها تعد من بين أكثر الوسائل استخداماً في التعرف والكشف عن التلاميذ الموهوبين، حيث إن العديد من الدراسات أوضحت أن تقديرات المدرسين تعد طريقة فعالة في الكشف عن الموهوبين، وأن المدرسين نجحوا في تمييز الطلاب الموهوبين عن غيرهم.
الوقوف على فاعلية تقديرات المدرسين وكفاءتها كطريقة من الطرائق المستخدمة في الكشف عن الموهوبين من الجنسين في الذكاء والتفكير الابتكاري، كما تحديد مستوى ما هنالك من اختلافات بين كل من المدرسين والمدرسات في قدرتهم على التعرف على التلاميذ الموهوبين بناء على اختلاف تخصصاتهم الدراسية أو مستويات الخبرة لديهم.
ونتناول قضية اكتشاف الموهوبين من خلال المحاور الثلاثة التالية:
- مفهوم الموهبة والموهوبين.
- طرائق التعرف على الموهوبين والكشف عنهم.
-خصائص وسمات الموهوبين.
بالنسبة للمحور الأول تطور مفهوم الموهبة والموهوبين، حيث لم يعد يقتصر على التفوق في الذكاء والابتكار، بل اتسع ليشمل كذلك التفوق والامتياز في المجالات الأكاديمية والاجتماعية، والمهارات، والقدرات، والاستعداد الخاص، والقدرة العقلية العامة.
أما المحور الثاني فيتطرق إلى الوسائل المستخدمة في الكشف عن الموهوبين والتعرف عليهم، وقد أبرزت مناقشة هذه الوسائل ما لكل منها من إيجابيات وسلبيات، بحيث انتهت إلى أن تقديرات المدرسين على الرغم مما واجهته من انتقادات إلا أنها ستظل أكثر الطرائق استخداماً، انطلاقاً من أهمية المدرس ومكانته بالنسبة للعملية التعليمية، وما يملكه من معلومات عن التلميذ قد لا يمكن الحصول عليها بسهولة من خلال الوسائل الأخرى.
ويناقش المحور الثالث تمت السمات والخصائص التي أبرزتها مجموعة من الدراسات بوصفها مميزة للموهوبين، والتي تنوعت ما بين عقلية واجتماعية وانفعالية. وقد أسفرت هذه المناقشة عن إمكانية الإفادة من هذه السمات، بحيث يسترشد بها كعلامات على الطريق إلى تعرف المدرسين على الموهوبين والكشف عنهم.
بالنظر لما سبق من دراسات تعرض لتقديرات المدرسين للموهوبين نجد، أن بعض هذه الدراسات قد استخدمت تلك التقديرات كطريقة للكشف عن الموهوبين، بينما استخدمت في بعضها الآخر كمحك للتحقق من صدق عدة اختبارات. وبالتعمق في المنحى السابق نخرج بالملاحظات التالية:
أ- اختلاف وجهات النظر حول فاعلية تقديرات المدرسين وكفاءتهم في الكشف عن الموهوبين، فبينما اتفقت بعض الدراسات على أهميتها للتعرف على التلاميذ الأذكياء نجد بعضها الآخر يقلل من فاعليتها وكفاءتها، حيث لا تكشف إلا عن نسبة معينة من الموهوبين.
ب- أبرزت بعض الدراسات أهمية استخدام المدرسين لقوائم مشتملة على خصائص الموهوبين وسماتهم، بحيث تعينهم في تقديرهم لمواهبهم والتعرف عليهم بشكل أكثر دقة وفاعلية.
ج- أن الدراسات التي زودت المدرسين بقوائم لسمات الموهوبين لم تستخدم في المقابل مجموعات ضابطة غير مزودة بتلك القوائم، بحيث تتيح لنفسها فرصة المقارنة بين تقديرات المجموعتين من حيث كفاءتها وفعاليتها.
د- بعض الدراسات السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار بعض المتغيرات التي قد يكون لها دور في تقدير المدرسين للتلاميذ الموهوبين، وبخاصة خبرة المدرسين العلمية في مجال التدريس، وتخصصاتهم المختلفة التي يقومون بتدريسها.
منهج الدراسة وإجراءاتها
عرض الباحث في هذا الجزء من الدراسة ما اتخذه من إجراءات لتطبيقها، حيث حدد تساؤلها الرئيس الذي يحاول الإجابة عنه من خلال البيانات التي سيسفر عنها التطبيق، كما وضع فروضاً أربعة حاول التحقق من دلالتها.
كما قام بتحديد مجتمع الدراسة، وتوضيح إجراءات اختيار العينة، حيث تم اختيار (378) فرداً من المدرسين والمدرسات العاملين في مدارس متوسطة تابعة لخمسة مراكز تعليمية في مدينة الرياض، وقد تم تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة مكونة من المدرسين العاملين في 23 مدرسة متوسطة بالرياض، وقد بلغ عددهم (229)، ومجموعة أخرى مكونة من المدرسات العاملات في 14 مدرسة متوسطة للبنات بالرياض وقد بلغ عددهن (149)، وكذلك مجموعة من التلاميذ بلغ عددهم (322) طالباً وطالبة والذين طلب من المدرسين والمدرسات تقدير مستوى ذكائهم أو إبداعهم بعدما طبق عليهم اختبار «وكسلر» لذكاء الأطفال واختبار «تورانس» للتفكير الابتكاري، واستخدمت درجاتهم في الذكاء والابتكار معياراً لقياس فعالية تقديرات المدرسين وكفاءتهم.
كما أوضح الباحث في هذا الفصل الأدوات التي استخدمها في دراسته والتي اشتملت على:
1- اختبار وكسلر لذكاء الأطفال (WISC).2- اختبار تورانس (TORRANCE) للتفكير الابتكاري (الصورة ب).3- استمارة تقديرات المدرسين.
4- قائمة سمات الموهوبين وخصائصهم .
وهذه الأدوات التي قام الباحث بإعدادها، قد تم استعراض جميع الإجراءات التي استخدمت في إعدادها والتحقق من صدقها، كما تم توضيح إجراءات التطبيق الميداني للدراسة، والأساليب الإحصائية المستخدمة في تحليل بياناتها.
موجز النتائج الرئيسة
أسفرت التحليلات الإحصائية لبيانات الدراسة عن عديد من النتائج منها:
1- أن نسبة فاعلية تقديرات المدرسين في الكشف عن الموهوبين في الذكاء بلغت 62% للمدرسين و81% للمدرسات. أما بالنسبة لكفاءة تلك التقديرات فقد بلغت 33% للمدرسين و27% بالنسبة للمدرسات.
من ناحية أخرى فإن فاعلية تقديرات المدرسين في الكشف عن الموهوبين في التفكير الابتكاري، قد حققت نسبة مئوية بلغت 57% للمدرسين و29% للمدرسات، بينما حققت كفاءتها نسبة بلغت 12% للمدرسين و19% للمدرسات.
أما عن دلالة تلك النسبة فقد أظهرت النتائج تمتع تقديرات المدرسين والمدرسات بالفاعلية في الكشف عن التلاميذ أو التلميذات الموهوبين في الذكاء، بالإضافة إلى تمتع تقديرات المدرسين بالفاعلية في الكشف عن التلاميذ الموهوبين في التفكير الابتكاري، حيث جاءت النسب الثلاث لهذه التقديرات دالة، في حين لم تتمتع تقديرات المدرسات بالفعالية في الكشف عن التلميذات الموهوبات في التفكير الابتكاري حيث جاءت نسبتها غير دالة.
من ناحية أخرى قد أظهرت نتائج هذا الاختبار عدم تمتع تقديرات المدرسين والمدرسات بالكفاءة في الكشف عن التلاميذ أو التلميذات الموهوبين في الذكاء أو التفكير الابتكاري حيث جاءت نسب تلك التقديرات غير دالة جميعها.
2- لم توجد فروق دالة بين المدرسين الذين يستخدمون قائمة سمات الموهوبين والمدرسين الذين لا يستخدمونها من حيث فاعلية وكفاءة تقدير كل منهما للذكاء والتفكير الابتكاري لدى الموهوبين.
3- لم تختلف نسبة فاعلية تقديرات المدرسين وكفاءتهم للموهوبين في الذكاء والتفكير الابتكاري عنها لدى المدرسات.
4- لم تختلف تقديرات المدرسين للذكاء والتفكير الابتكاري لدى التلاميذ الموهوبين باختلاف تخصصاتهم الدراسية.
5- أظهرت النتائج أن فاعلية وكفاءة تقديرات المدرسين للذكاء والتفكير الابتكاري لدى التلاميذ لم تختلف باختلاف مستويات الخبرة التدريسية التي مروا بها.
وقد قام الباحث بمناقشة تلك النتائج، كما قدم بعض التفسيرات الملائمة لها في ضوء ما راجعه من دراسات سابقة.
توصيات الدراسة
في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة قدم الباحث عدداً من التوصيات والمقترحات التي يرى أنه ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين عن برامج إعداد المدرسين والمدرسات، كما ينبغي أن تحظى بعناية الدارسين والباحثين لقضية التعرف على الموهوبين ووسائل الكشف عنهم، ومن تلك التوصيات والمقترحات:
1- أن يراعى فيمن يقوم من المدرسين بترشيح التلاميذ الموهوبين أن يكونوا على معرفة جيدة بهم لفترة زمنية كافية، وأن يعطوا من الوقت ما يكفي للتبصر بعناية في سمات وخصائص من يقومون بترشيحهم من التلاميذ كموهوبين.
2- إعانة المدرسين على القيام بعملية الترشيح على نحو ملائم دقيق، وذلك بتزويدهم بأدوات كافية موضح بها كيفية الترشيح وسمات الطالب المراد ترشيحه، وإعطائهم وقتاً كافياً للتدريب على استخدامها واستيعاب ما بها من تعليمات وسمات.
3- أن تستعمل تقديرات المدرسين مقترنة بأدوات أخرى في عملية الكشف من الموهوبين .
4- تدريب طلاب كليات التربية وكليات إعداد المعلمين أثناء دراستهم على أساليب الكشف عن الطلاب الموهوبين وطرائق التعامل معهم واستحداث بعض المقررات الدراسية التي تعنى بهذا الغرض.
5- قد تعزى مشكلة عدم قدرة المدرسين على الترشيح الدقيق للتلاميذ الموهوبين إلى إثقال كاهل المدرس بالنصاب العالي من الحصص الدراسية، وما يكلف به من أعمال إدارية أخرى، مما قد يؤدي بدوره إلى أن يكون المدرس أقل جدية في التعاون على عملية التعرف على التلاميذ الموهوبين، ويوصي الباحث بتخفيف أنصبة المدرسين، وتخفيف الأعباء التدريسية والإدارية عن كاهلهم، بحيث يتمكنون من التعاون على نحو مثمر مع القائمين بالبحوث والدراسات المتعلقة بالتلاميذ عامة والتعرف على التلاميذ الموهوبين خاصة.
6- أن المدرس بحكم اتصاله المباشر بالتلاميذ وملاحظته المستمرة لأعمالهم وإنجازاتهم وسلوكهم، يعد في موقع يمكنه أكثر من غيره التعرف على التلاميذ الموهوبين بفاعلية وكفاءة، وهذا يتطلب ضرورة تنظيم برامج لإعداد وتدريب مجموعة من المدرسين الذين لديهم ميل شخصي للتعامل مع تلك الفئة من التلاميذ، وذلك لتأهيلهم للقيام بالدور المنتظر منهم على أفضل وجه ممكن.
7- يمكن استخدام أسلوب التوعية الإعلامية التربوية بين الأوساط المدرسية لتعريفهم بأهمية التعرف على التلاميذ الموهوبين، وذلك عن طريق الإدارة المتخصصة في وزارة المعارف أو الرئاسة العامة لتعليم البنات، حيث يمكن القيام بطبع وتوزيع نشرات على المدرسين لتوعيتهم بطرائق التعرف على الموهوبين وأساليبها، كما يمكن في هذا الصدد عقد دورات تدريبية تثقيفية تحت إشراف مراكز خدمة المجتمع لينضم إليها من شاء من المدرسين والمدرسات.
9- استحداث قسم في إدارتي التعليم للبنين والبنات يتولى الإشراف على عملية التعرف على التلاميذ الموهوبين والكشف عنهم، ومن ثم اتخاذ التدابير الملائمة لرعايتهم.
10- تنظيم لقاءات إرشادية للمدرسين من قبل الإدارات المسؤولة عن تعليم البنين والبنات، وذلك لتزويدهم من خلالها بما يجب من معلومات لازمة لتطوير مفاهيمهم وأساليب تعاملهم مع التلاميذ الموهوبين ودورهم تجاههم.
ــــــــــــــــــ
الرياض- سعد سعود آل فهيد
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (41) بتاريخ (شعبان 1419هـ -ديسمبر 1998م)[/align]